عشرين قصة واكثر

بداية انتهيت .

في التاسع من اغسطس عام 2008 و بالتحديد الساعة ‏2:17 بعد منتصف الليل انتهيت من قراءة ” حياة محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين قصه ” ورغم ان تصنيفه كتاب للاطفال الا انه ليس كذلك ، فقد استمتعت به واحببته وساهم في تنشيط ذاكرتي وتغذيتها مرة اخرى بمعلومات التهمها النسيان و تبخرت مع الوقت .

النسخة التي اشتريت كانت الطبعة الثالثه من الكتاب الذي باع ما يفوق السبعة ملايين نسخه حتى الآن و يتضمن بين دفتيه عشرين قصة ترويها جمادات او نباتات او حيوانات شهدت القصة وتنقلها بضمير المتكلم الينا ، هذا الاسلوب اتبع منذ بداية المقدمة حيث سطر في مستهل الكتاب التالي :

” انا كتاب وانا سعيد بهذا كثيرا واشعر باني اغلى شئ في الوجود ،وان اوراقي اغلى من اوراق المال والنقود ، والسبب في ذلك :

+ ان الله حين اراد ان يهدي البشر ، بعث اليهم بكتاب ، كتاب مقدس ، فالتوارة كتاب ، والانجيل كتاب ، والقرآن الكريم كتاب .

+ وانني كتاب عن محمد صلى الله عليه وسلم ، خاتم النبين والمرسلين ، الذي ارسله الله للناس كافه ، هاديا وداعيا الى الحق والخير والمحبه والسلام للناس اجمعين .

+ وانني كتاب للناشئين الصغار الاطهار احباب الله ، واحباب محمد الرسول الكريم .

من شدة فرحتي باسمي وعنواني وقرائي اقول هذه الكلمات لكي اقدم نفسي ، واقدم هذه الحكايات التي احملها بين اوراقي ، وهي حكايات واقعيه حقيقيه ، …وجميع مافي هذه الحكايات جاء في القرآن الكريم او في الكتب التي تجمع الاحاديث النبويه الشريفه ، والكتب التي تحكي حياة النبي العظيم ، وهي كتب كثيره كثيره ، ستقرءونها كلها باذن الله عندما تكبرون وتصبحون رجالا مؤمنين صالحين ….

………والآن وقد استبد بكم الشوق لمعرفة احداثي ، قلبوا اوراقي .. “

الكتاب لم تطغى جماليات الصوره به على النص المكتوب ، مفرداته بسيطه تأخذك الى الفكرة مباشره عبر صياغة حميمه تروى بلسان شهود عيان حضروا تلك الاحداث وحكوا لنا عنها .

وهي صياغة متزنه غير غارقة في التفاصيل وليست قليلة المعلومات ، كما ان الاهتمام بجماليات النص لم يتجاوز الاهتمام بالمضمون الذي سعى كاتبه جاهدا ان يغطى احداث كثيره باختصار محكم مترابط .

المزيد عن الكتاب .

القصة الاولى ( انا فيل )

يتحدث بها فيل ابرهة عن الحياة قبل ولادة النبي الكريم موردا قصة ملك الحبشه ورغبته في هدم الكعبه وما سبب ذلك ، متطرقا لحلم عبدالمطلب جد الرسول وتفسير ذلك الحلم .

القصة الثانيه ( الحمارة تحكي )
ترويها دابة كانت عند حليمه السعديه مرضعة الرسول وزوجها الحارث ، تحدثنا عن ولاة النبي الكريم و رضاعته وطفولته وبعض معجزاته وما حدث له في تلك الايام المبكره من حياته .

القصة الثالثه ( انا حجر )

يرويها الحجر الاسود حين تنازعت قبائل مكه فيما بينها حول من يعيده الى موضعه ثم اتفقوا ان يحتكموا الى اول قادم اليهم فكان محمد وحدثت هذه القصة قبل ان يصبح رسولا يدعو البشر لدين الله .

القصة الرابعة ( انا ليلة )

ترويها واحده من الليالي الاخيره لشهر رمضان ، ليلة خير من الف شهر ، ولدت عام 610 ميلاديه قبل بداية التاريخ الهجري بثلاثة عشر عاما ، اتت وعمر الرسول اربعين عاما ومتزوجا من السيده خديجة ، هي الزمان اما المكان فكان غار حراء بمكه ، ليلة نزل بها ملاك من السماء وقال لمحمد الأمي ” اقرأ ” ليجيبه ” ما انا بقارئ ” فيضمه الملاك ثلاث مرات الى صدره ويتلو عليه ” اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الانسان من علق ، اقرأ وربك الاكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الانسان مالم يعلم ” كان اسم هذا الملاك جبريل عليه السلام وهذه الليله اصبحت تدعى ليلة القدر .

القصة الخامسه ( انا عنقود عنب)

يبدأها العنقود منذ ان كان يتدلى في كرمة بمدينة الطائف ، يمكلها رجل يدعى ” عتبة بن ربيعه ” واخوه ” شيبة ” ، سمع فوق غصنه الكثير مما يحكى عن محاولات اهل قريش الدائمة لثني محمد بالمال حينا والتهديد احيانا بل واتهامهم له بالجنون ، علم انهم سعوا لعزله ومحاصرته هو والمسلمين الذين اتبعوه ، وان تعذيبهم له تضاعف بعد موت عمه ابي طالب وزوجته خديجه .

عنقود عاش خائفا ان يأخذه الكفار فيعصروه ليصبح خمرا ، عاش يحلم بلقاء النبي الكريم فكان له ماتمنى ، حين لجأ نبي الله الى ظل الكرمة ودعا ربه قائلا ( اللهم اليك اشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا ارحم الراحمين ، اللهم ان لم يكن بك غضب علي فلا ابالي ) .

ختم قصته بابداء سعادته كونه لم يشاهد الرسول فقط ويسمعه بل اصبح طعاما له حين طلب عتبه من غلامه ” عداس ” ان يقطفه لمحمد كما كان شاهدا يومها على ايمان “عداس” برسول الله ودخوله بالاسلام .

القصة السادسه ( انا جمل )

يرويها موضحا في بدايتها بانه لم يكن جملا حقيقيا بل وهميا (!) ظهر لاخافة ابو جهل حين حاول كفار مكه السخريه من الرسول الكريم

القصة السابعه ( انا البراق )

وهو ذلك المخلوق الذي ركبه الانبياء عليهم السلام وكان له مع نبينا قصة مختلفة ، ظهر له بعد مرور اثنى عشر عاما من نزول الوحي ، شاهده بعد اعوام من العذاب والحزن العميق لوفاة عمه وموت زوجته وهجرة اصحابه ، اتى اليه بتاريخ 27 من شهر رجب لتبدأ رحلة الاسراء والمعراج وتنتهي في اليوم نفسه.

القصة الثامنة ( انا ثعبان )

وهو يسجل هنا ما شاهده من شق الجدار الذي يعيش به في ” دار الندوه ” بمكه ، حين كان الكفار يبحثون عن طريقة للتخلص من محمد ويوضح كيف حماه الله ، وكيف ان علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه افتداه بنفسه .

القصة التاسعه ( انا حمامة )

وتذكر ما شهدته في قصة الغار الذي اختبأ به النبي مع ابو بكر الصديق ساردة تفاصيل ماحدث باسلوبها.

القصة العاشره ( انا حصان )

وكان يملكه رجل اسمه سراقة بن مالك رغب ان يفوز بمائة ناقه تمنح كجائزة لمن يآتي بمحمد حيا او ميتا ، يبوح هنا بماحدث له ولمالكه اثناء تلك الرحلة .

القصة الحاديه عشر ( انا عنزة )

تحكي لنا انها كانت مريضه ، هزيلة لا تعطي حليبا ، تملكها سيده طيبه اسمها ” ام معبد ” وتغير كل شئ حين مر بهم الرسول وصاحبه والتفاصيل قصة ترويها .

القصة الثانيه عشر ( انا ناقه )

ترويها ناقة الرسول عليه الصلاة والسلام التي لازمته في هجرته مع الصديق من مكه الى يثرب - اي المدينه المنوره - تلخص قصة الغار و مطارده سراقه لهم و بعض ما عرفناه من الكائنات السابقه مضيفة ما حدث حين وصلا الى المدينه واستقبال الناس الحافل له ، والتآخي بين المهاجرين والانصار ثم تخبرنا في نهاية قصتها في اي بيت نام يومها .

القصة الثالثه عشر ( انا بئر ) وكان شاهدا على معركة بدر ، الرابعة عشر ( انا جبل ) وكان اسمه أحد وشاهدا على المعركة التي كانت باسمه ، الخامسة عشر ( انا صخرة ) وكانت شاهدة على غزوة الخندق ، وفي هذه القصص الثلاث تشابه يوازي ما بها من اختلاف تام ، كما انها مليئه بالمعلومات التي تستحق التذكر مرة اخرى والتأمل من جديد .

القصة السادسه عشر ( انا شاه )

تروي لنا قصة ذبحها و ما قررت ان تفعله مالكتها اليهوديه بها ، حيث قررت ان تطهوها للنبي كي يأكلها بعد ان سممتها ، تسرد الاحداث وما حدث لهذه المرأه وما حدث لرجل من اصحاب الرسول وكان يدعي “بشر” .

القصة السابعة عشر ( انا جذع )

كان في الاصل نخلة لعب الرسول تحتها وشهدت طفولته وولادة الاسلام ، مع الوقت قطعت ساقها لصناعة سقف بيت فباتت جذع مرتفع عن الارض قليلا ، وقفت اقدام الرسول فوقها ليراه سامعيه حين زاد عددهم وبات يكلمهم من فوقها، تحكي بحميمه خاصة رحلتها وكل ما مر عليها خلال تلك الحقبة التاريخيه الطويله كما تحكي عن معجزة حدثت حين نطقت .

القصة الثامنة عشر ( انا شجره )

ذكرت انها سعيده كونها ذكرت في القرآن ، وشاهدت النبي حين دعا المسلمين للبيعه على القتال حيث تمت تلك الاحداث تحتها ، فروعها شهدت صلح الحديبه وحدثتنا عن بعض تفاصيله ، رحل الرسول وعاشت بعده في زمن ابو بكر الصديق وفي ايام عمر بن الخطاب الذي امر بقطعها من جذورها بعد كثرة الناس الذبن يزورنها للتبرك بها وهي لم تحزن لقراره هذا .

الدينار حين يحكي

القصة التاسعة عشر ( انا دينار )

وبها رصد لعلاقة الرسول واهله بالمال وامور اخرى كثيره ، تحدث الدينار حكى عن ذلك الزمن المختلف والمتشابه مع زماننا في وقت واحد حيث ولفهم ما اقصد انقل لكم ما رواه بلسانه :

” …. وقد رأيت عثمان بن عفان ، تأتيه تجارة من الشام في فترة اشتدت فيها حاجة الناس الى الطعام ، وانتهز التجار الفرصه فرفعوا اثمان الاشياء التي يبيعونها ، وصار على المشتري ان يدفع دنانير كثيرة في السلع التي كان يدفع فيها دينارا واحدا مثلي ، وقد سميت هذه السنة ، عام الرماده ، اي عام المجاعه .

جمع عثمان بن عفان الناس ، وحوله اكوام البضائع وسألهم : كم تدفعون ثمنا للشئ الذي كان ثمنه دينار؟

قالوا : ندفع دينارين …ندفع ثلاثة دنانير .

فابتسم عثمان وقال ( جاءني فيها ثمن قدر ثمنها عشر مرات ، هل يستطيع احد منكم ان يدفع هذا الثمن ؟ ) .

صمت الناس .. ان الثمن مرتفع جدا لا يقدرون عليه ، صمتوا في عجز وفي فزع من ان يشتد بهم الجوع ، وقطع عثمان الصمت وقال في ثقة وايمان ( ان الله يعطي عن الحسنة عشرة امثالها ، فانا اعطى هذه التجاره كلها لله ) .

ووزع عثمان بن عفان تجارته على المسلمين دون ان يأخذ منهم دينارا واحدا ، انه يطيع الرسول الكريم الذي شبه من يمنع ماله عن الناس بمن يعبدني - انا الدينار - ولا يعبد الله ، والذي قال ايضا ( تعس عبدالدينار والدرهم ! ) .

ومنذ سمعت هذا الحديث الشريف ، وانا اشعر بان الذين يعبدونني - انا الدينار - اناس تعساء لا يعرفون معنى السعاده ” .

القصة العشرون والاخيره ( انا الرايه )

تذكر انها راية الاسلام وفي حياتها ايام لا تنسى واحداث يسجلها التاريخ ، كانت يثرب هي اول مدينه رفرفت في سمائها ، و اول معركة لها كانت بدر ، كما خافت ان تنتكس في معركة احد و الخندق ، لم تزل منتشية بارتفاعها يوم فتح مكه ، تحدثت عن حجة الوداع والمائة الف مسلم ، لم توجز بل اسهبت بحساب ولم يزل هذا المشهد بذاكرتها وتعيده لنا بتأثر :

( .. .. كان يوم هو اسوء يوم في حياتي ، اضطربت فيه اضطرابا شديدا ، وهزني الفزع ، وانا استمع الى النبأ الذي لم اصدقه مثل الكثيرين من المسلمين ، عمر بن الخطاب نفسه لم يصدق ، وهدد من يردد النبأ ، وبقي المسلمون فترة في حيرة وفزع و اضطراب ، الى ان ارتفع صوت ابي بكر يقول ” ايها الناس من كان يعبد محمدا فان محمد قد مات ، ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت “

ثم قرأ عليهم قوله تعالي ” وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفـإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين “

فيقول عمر ” فكأني لم اتل هذه الآية قط . ” ويسود الناس صمت طويل حزين ….. ) .

نقاط مهمه واخرى محزنه .

+ مؤلف الكتاب هو الاستاذ الفاضل عبدالتواب يوسف جعل الله الكتاب في ميزان اعماله ، لزيارة موقعه ومعرفة المزيد عنه اضغط هنا.

+ الرسومات للفنان صلاح الدين بيصار والمعروف باسم صلاح بيصار ، حصل على جائزة سوزان مبارك لأدب الطفل في عام 1999 ميلاديه لهذا الكتاب وله رسومات عديده للمزيد عنه اضغط هنا و هنا .

+ صدر الكتاب باللغه الانجليزيه وربما بلغات اخرى .

+ هو من اصدارات دار الشروق وفازت عنه بجائزة ( الافاق الجديده - New Horizons Award ) لعام 2000 ميلاديه من معرض بولونيا العالمي لكتب الاطفال متجاوزة 1400 كتاب من 30 دوله ، كما حصل على جائزة اتحاد ليتا فيردي الثقافي الإيطالي / L’Età Verde في عام 1998 ميلاديه ، وجائزة اوريليو بيتشي الايطاليه لخلق عالم افضل لاطفال الغد .

+ المحزن ان جزء كبير من المعلومات المهمة الوارده في الكتاب كنت اظن اني اعرفها تفاجئت باني قد نسيتها تماما وهذا كان بالنسبه لي محزن جدا خاصة وانها امور تمس تاريخي كمسلم ومرتبطه بديني ونبي ، لذا يعد هذا الكتاب فرصة حقيقيه لمن يرغب في انعاش ذاكرته او اثراء ذاكرة اطفاله .

______________________________________________

ملاحظة : الموضوع نُشر بواسطة يزيد.نت تاريخ : 10 أغسطس 2008 على هذا الرابط :)